مقــــدمة :-
يعنى
علم الاجتماع بدراسة الأفراد والجماعات والمؤسسات التي تشكل المجتمع البشري. ويشمل
مجال الدراسة في علم الاجتماع ميدانًا واسعًا يضم كل جانب من جوانب الظروف
الاجتماعية. فعلماء الاجتماع يقومون بملاحظة وتسجيل طريقة اتصال الأفراد بعضهم
ببعض وبالبيئة التي يعيشون فيها؛ وهم يدرسون أيضًا تكون الجماعات، والأسباب
الكامنة وراء الأشكال المختلفة للسلوك الاجتماعي. يرتبط علم الاجتماع ارتباطًا
وثيقًا بعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا) وعلم النفس والعلوم الاجتماعية الأخرى التي
يدرس كل واحد منها جانبًا من حياة الإنسان الاجتماعية.
وتعالج
معظم دراسات علم الاجتماع الاتجاهات السائدة والسلوك وأنماط العلاقات داخل
المجتمع. والمجتمع هو مجموعة من الناس يشتركون في خلفية ثقافية واحدة ويعيشون في
منطقة جغرافية محددة. ولكل مجتمع بناء اجتماعي أي شبكة من العلاقات المتبادلة بين
الأفراد والجماعات.
ويدرس علماء الاجتماع هذه العلاقات من أجل تحديد
تأثيرها على الوظيفة الكلية للمجتمع.
ويمكن
أن تساعد بيانات علم الاجتماع أيضًا في تفسير أسباب الجريمة والفقر والمشكلات
الاجتماعية الأخرى. أما علم الاجتماع التطبيقي فإنه يعالج استخدام هذه المعرفة لإيجاد
حلول هذه المشكلات.
ويصوغ
علماء الاجتماع نظريات تُبنى على ملاحظة الجوانب المختلفة في المجتمع. وهم
يستخدمون المناهج العلمية لاختبار هذه النظريات، ولكن هناك القليل من دراسات علم
الاجتماع التي يمكن إجراؤها في المُختبر تحت شروط مضبوطة.
والطبيعة
المتنوعة والمتغيرة للبشر تحدُّ من قدرة علماء الاجتماع على صياغة نتائج ثابتة؛
لذا فإن العديد من دراسات علم الاجتماع أقل دقة من دراسات العلوم الطبيعية وعلوم
الأحياء.
ما يدرسه علماء الاجتماع
هناك
الكثير من العناصر التي تحدد الشروط الاجتماعية العامة للمجتمع. وتنقسم هذه
العناصر إلى خمسة مجالات أساسية 1- الدراسات السكانية 2- السلوك الاجتماعي
3-المؤسسات الاجتماعية 4- التأثيرات الثقافية 5- التغير الاجتماعي.
الدراسات السكانية.
تحدد
الأنماط الاجتماعية العامة لجماعة من الناس يعيشون في بقعة جغرافية محددة. وهناك
نوعان رئيسيان من الدراسات السكانية علم الدراسات السكانية وعلم البيئة البشرية.
وعلم
الدراسات السكانية هو الدراسة المنهجية لحجم السكان وتركيبهم وتوزيعهم. وتتمثل
مهمة عالم الدراسات السكانية في جمع وتحليل الإحصاءات المختلفة؛ التي تشتمل على
معدلات العمر والميلاد والوفاة والخلفيات العرقية وأنماط الهجرة والتوزيع السلالي.
وتفسر كثير من الدراسات السكانية تأثير الظروف الاجتماعية على حجم وتركيب السكان.
وعلى سبيل المثال توصل عدد من الدراسات أوائل القرن العشرين إلى وجود ارتباط مباشر
بين نمو التصنيع وانخفاض معدل الوفاة.
أما
علم البيئة البشري فهو يتناول أساسًا بناء البيئة الحضرية وأنماط الاستقرار والنمو
السكاني فيها. وفي ضوء ذلك تُفسِّر الدراسات البيئية البشرية كيف تتغير المدن،
وكيف تنمو، وتكشف عن الأسباب الكامنة خلف هذا النمو وذلك التغير.
السلوك الاجتماعي.
يُدرس
بشكل مكثف في علم النفس الاجتماعي. ويعمل علماء النفس الاجتماعي غالبًا مع
الجماعات الصغيرة فيلاحظون تغير الاتجاهات، والتوافق والقيادة والأخلاق والأشكال
الأخرى للسلوك. كما أنهم يدرسون التفاعل الاجتماعي الذي يقصد به الطريقة التي
يستجيب بها أعضاء الجماعة بعضهم لبعض وللجماعات الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك فإن
علماء النفس الاجتماعي يدرسون النتائج المترتبة على الصراعات بين الجماعات مثل
الجريمة والتعصب والحرب.
وتنتقل
معايير السلوك، في معظم المجتمعات من جيل إلى آخر. ويلاحظ علماء النفس الاجتماعي
كيف يُكيِّف الأفراد سلوكهم ليتمشى مع هذه المعايير، وهي العملية التي يطلق عليها
التهيئة الاجتماعية.
ويدرس
علماء النفس الاجتماعي أيضًا الأدوار الاجتماعية والمنزلة الاجتماعية. والدور
الاجتماعي هو وظيفة الفرد أو سلوكه المتوقَّع داخل الجماعة. أما المنزلة فهي أهمية
الشخص في الجماعة أو رتبته وتشمل حقوقه ومزاياه فيها.
المؤسسات الاجتماعية.
جماعات
منظمة من الناس تؤدي وظيفة محددة داخل المجتمع. وتشتمل على المنظمات التجارية،
والحكومات والمستشفيات والمدارس. ولكل من هذه المؤسسات تأثير مباشر على المجتمع
الذي توجد فيه. وعلى سبيل المثال فإن اتجاهات وأهداف المجتمع بمجموعه تتأثر بنقل
العلم والمعرفة في المؤسسات التربوية كالمدارس والمعاهد والجامعات ونحوها. وتتخصص
بعض فروع علم الاجتماع في دراسة تأثير نوع خاص من المؤسسات مثل علم الاجتماع
التربوي وعلم الاجتماع القانوني.
ولكل
مؤسسة اجتماعية بناؤها الاجتماعي الخاص، كما أن لها معاييرها الخاصة للسلوك
المقبول. فدراسات علم الاجتماع تجري في المصانع والمستشفيات النفسية والسجون
والمؤسسات الأخرى، حيث يقوم علماء الاجتماع بمقارنة الظروف الاجتماعية داخل هذه
المؤسسات بنظيرتها في المجتمع بوجه عام.
التأثيرات الثقافية.
تساعد
على توحيد المجتمع وتنظيم الحياة الاجتماعية فيه، وتُعطي الأفراد قاعدة مشتركة
للاتصال والفهم. وتتضمن ثقافة أي مجتمع فنونه وعاداته الاجتماعية ولغته، ومعارفه
ومعتقداته الدينية. ويدرس علماء الاجتماع تأثير كل هذه العناصر على الظروف
الاجتماعية والسلوك. فالمعتقدات الدينية ـ على سبيل المثال ـ يمكن أن تحدد النظام
الأخلاقي للمجتمع. وتركز دراسات علم الاجتماع على الطريقة التي ينظم بها هذا
النظام الأخلاقي السلوك الاجتماعي والدور الذي يقوم به في تشكيل قانون المجتمع.
التغيُّر الاجتماعي.
يشير
إلى أي تحول جوهري في الظروف الاجتماعية وفي أنماط السلوك في المجتمع. ويمكن أن
يظهر التغير من انتشار الموضات والاختراعات والثورات والحروب والأحداث والأنشطة
الأخرى. ولقد أدت التطورات التكنولوجية إلى إحداث تغيرات اجتماعية عديدة خلال
القرن العشرين، وركزت بعض دراسات علم الاجتماع على التغيرات في مجالات التعليم
والقيم الاجتماعية، وأنماط الاستقرار التي ظهرت في الأمم التي انضمت إلى ركب
التصنيع حديثًا.
النظريات الحديثة في علم الاجتماع التربوي
(التفاعلية الرمزية، والنظرية المعرفية(
أولاً:
التفاعلية الرمزية Symbolic Internationalism :
تعتبرُ التفاعلية الرمزية واحدةٌ من المحاور الأساسيةِ التي
تعتمدُ عليها النظرية الاجتماعية، في تحليل الأنساق الاجتماعية.
وهي
تبدأ بمستوى الوحدات الصغرى (MICRO)، منطلقةً منها لفهم الوحدات الكبرى، بمعنى أنها تبدأُ بالأفراد
وسلوكهم كمدخل لفهم النسق الاجتماعي(1). فأفعالُ الأفراد تصبح ثابتةً لتشكل بنية
من الأدوار؛ ويمكن النظر إلى هذه الأدوار من حيث توقعات البشر بعضهم تجاه بعض من
حيث المعاني والرموز(2). وهنا يصبح التركيز إما على بُنى الأدوار والأنساق
الاجتماعية، أو على سلوك الدور والفعل الاجتماعي.
ومع
أنها تَرى البُنى الاجتماعية ضمناً، باعتبارها بنىً للأدوار بنفس طريقة بارسونز Parsons ، إلا أنها لا تُشغل نفسها بالتحليل على مستوى الأنساق(3)، بقدر
اهتمامها بالتفاعل الرمزي المتشكِّل عبر اللغة، والمعاني، والصورِ الذهنيةِ،
استناداً إلى حقيقةٍ مهمةٍ، هي أن على الفرد أن يستوعب أدوارَ الآخرين.
إن
أصحابَ النظريةِ التفاعلية يبدَءُون بدراستهم للنظام التعليمي من الفصل الدراسي
(مكانَ حدوثِ الفعلِ الاجتماعي). فالعلاقةُ في الفصل الدراسي والتلاميذِ والمعلم،
هي علاقةٌ حاسمةٌ؛ لأنه يمكن التفاوضُ حول الحقيقة داخل الصفّ، إذ يُدرك التلاميذ
حقيقةَ كونهم ماهرين أو أغبياءَ أو كسالى. وفي ضوء هذه المقولات يتفاعل التلاميذ
والمدرسون بعضهم مع بعض، حيث يحققون في النهاية نجاحاً أو فشلاً تعليمياً(4).
أشهرُ ممثلي النظريةِ التفاعليةِ الرمزية:
1- ماكس فيبر :
بين أنواع أربعة من أنواع (الفعل) تاريخياً:
أ- الفعل التقليدي (المعتاد).
ب- الفعل التأثري (الانفعالي)
ج- الفعل الموجّه قيميا (Value Oriented).
د- الفعل الاداتي (Instrumental) الموجّه
عقلانياً.
إن أكثر التحليلات السوسيولوجية يرتبط
بالنوعين الآخرين. كما أن نظريات الفعل لا ترى (السوسيولوجيا) علماً كالعلوم
الطبيعية، لأنه يتعامل مع الأشياء الخارجية والمستقلة، بل إن علمية (السوسيولوجيا)
إلى حدِّ ما معتبرة، لأنها تأخذ بنظر الاعتبار العقلانية، وتماسك الجماعات
البشرية، الأفعال، الأفكار والعلاقات.
إن مصدر (نسق الفعل) يرتبط باسم (تالكوت بارسونز)،
حيث تبدأ نظريته بالتحليل المنظم للفعل، والتي ترى أن الفاعل الاجتماعي يختار
أموراً من بين الوسائل والغايات المختلفة في بيئة كانت الاختيارات تحدد بالمحدّدات
الفيزيقية والاجتماعية
2- كارل ماركس
ولد كارل ماركس في الخامس من أيار/مايو سنة 1818م في مدينة تريف (Trieve) بروسيا. وكان أبوه محاميا و كان يهوديا ثم اعتنق البروتستانتية في سنة 1824م. ولم تكن عائلة ماركس
الميسورة و المثقفة عائلة ثورية (الحوت ,1998م,156), بعد
أن أتم ماركس دراسته الثانوية دخل جامعة بون ثم جامعة برلين فدرس الحقوق وبنوع خاص التاريخ و الفلسفة. وفي سنة 1841م
أنجز دراسته بتقديم أطروحته الجامعية تحمل
عنوان (الفرق في فلسفة الطبيعة بين ابيقور وديمقريطس) حصل على الدكتوراه وعمل صحفيا ونشر العديد من المقالات السياسية
والاقتصادية التي يطغى عليها الأسلوب الثوري حيث
إن مثل هذه الكتابات دعت الحكومة إلى طرده من البلاد فذهب إلى فرنسا مع العلم إن مفاهيمه كانت حتى ذلك الوقت ما تزال
مفاهيم هيغلية –نسبة إلى هيغل-, من خلال استعراضي
لسيرت ماركس كان يستغل أصدقائه في إعطائه المال لإنفاقه على احتياجاته الخاصة من أكل وشرب وذلك مثل ما عمله مع صديقه
انجلزحيث كان انجلز يساعده بالمال.
ألف ماركس كثير من الكتب وكان
آخرها كتابه ( رأس المال ) وقد أتمه
صديقه انجلز بعد وفاته (مسلم,1997م,55).
وجَّهَ
اهتمامَهُ لتطوير مدخلِ التفاعلية الرمزية لتحليلِ الأنساق الاجتماعية، مؤكداً على
أن التفاعلَ – وخاصةً النمطَ المعياريَّ والأخلاقيَّ- ما هو إلا الانطباع الذهنيُّ
الإرادي الذي يتم في نطاق المواجهة، كما أن المعلوماتِ تسهم في تعريف الموقف،
وتوضيحِ توقعات الدَور(8).
4) كما أن هناك عدداً كبيراً من العلماء الذين لم تُناقَش أعمالُهم بشكلٍ
واسع، مع أنهم من أعلامِ ومؤسسي النظرية التفاعلية الرمزية. ومنهم:
• روبرت
بارك Robert Park، (1864-1944). ووليم إسحاق
توماس W. I.
Thomas،
(1863-1947). وهما من مؤسسي النظرية.
• مانفرد كون Manferd Kuhn، (1911-1963). وهو عالم اجتماع أمريكي، ومن رواد مدرسة (آيوا)
للتفاعلية الرمزية.
• وكذلك كل من ميلتزر Meltzer، وهيرمان Herman، وجلاسر Glaser، وستراوس Sturauss، وغيرِهم.
.
مصطلحاتُ النظريّة:
1. التفاعل Interaction: وهو سلسةٌ متبادلةٌ ومستمرةٌ من الاتصالات بين فرد وفرد، أو فرد
مع جماعة، أو جماعةٍ مع جماعة.
2. المرونة Flexibility: ويقصد بها استطاعةُ الإنسان أن يتصرفَ في مجموعةِ ظروفٍ بطريقة
واحدة في وقت واحد، وبطريقةٍ مختلفة في وقتٍ آخرَ، وبطريقةٍ متباينة في فرصةٍ
ثالثة.
3. الرموز Symbols: وهي مجموعةٌ من الإشارات المصطَنعة، يستخدمها الناسُ فيما بينهم
لتسهيل عمليةِ التواصل، وهي سمة خاصة في الإنسان. وتشملُ عند جورج ميد اللغةَ،
وعند بلومر المعاني، وعند جوفمان الانطباعاتِ والصور الذهنية(9).
4. الوعيُ الذاتي Self- Consciousness: وهو مقدرةُ الإنسان على
تمثّل الدور، فالتوقعات التي تكُون لدى الآخرين عن سلوكنا في ظروف معينة، هي
بمثابة نصوصٍ يجب أن نَعيها حتى نُمثلَها، على حدّ تعبير جوفمان(10).
ثانياً: النظرية المعرفية في علم الاجتماع التربوي:
يُعرّف
جورج غورفيتش علمَ اجتماعِ المعرفةِ على أنه: دراسةُ الترابطات التي يمكن قيامُها
بين الأنواع المختلفة للمعرفة من جهة، والأطُر الاجتماعية من جهة ثانية(11). فعلم
اجتماع المعرفة يركز على الترابطات الوظيفية القائمة بين أنواع وأشكالِ المعرفة،
بحدِّ ذاتها، ثم بينها وبين الأطُر الاجتماعية، مما يكشف عن أن عَصَب المعرفة
يَكمنُ في وظائفها(12).
أما علمُ اجتماع المعرفة التربوي فيُعرفه يونج M. Young على أنه: المبادئُ التي تقف
خلفَ كيفيةِ توزيع المعرفةِ التربوية وتنظيمِها، وكيفيةِ انتقائِها وإعطائِها
قيمتَها، ومعرفةِ ثقافة الحسّ العام، وكيف يمكن ربطُها بالمعرفة المقدَّمةِ في
المدارس، واعتبارها المدخلَ الحقيقيَّ للتعليم(13).
وبناء على ذلك يهتمُّ علمُ اجتماع التربيةِ المعرفي بالبحث في الثقافات الفرعيّةِ
داخلَ المجتمع، وعمليةِ التنشئةِ الاجتماعية، وأثرُ ذلك على قِيَم الطفل
واتجاهاتِه، ومستوى تحصيلِه الأكاديمي واللُغوي. ويَهتم أيضاً بالبحث في طبيعة
العلاقة المتبادلة بين التعليم والتغيّر الاجتماعي، وتحليلِ المدرسةِ كمؤسسةٍ
تربوية، معتمداً في ذلك على استخدام الأسلوبِ السوسيولوجي الدقيق Micro – Sociological Approach(14).
مصطلحاتُ
النظريةِ المعرفية:
1. نُظُم المعرفة: ويُعنى بها
أن المعرفة اجتماعية؛ لأن إنتاج المعرفة ليس عملاً فردياً، وإنما هو عمل جماعي.
2. توزيعُ المعرفة: تأخذ المعرفةُ أشكالاً هرميةً
تبعاً لتدرجها في القيمة؛ لأن تميُّزَ بعض المعارف عن بعضها الآخر شرطٌ ضروريٌ
لبعض الجماعات، وذلك لكي يكتسب المنتفعون منهم أهميةً وشرعيةً لمكانتهم الاجتماعية
العالية.
3. الموضوعية والنسبية: إن المعيارَ الوحيدَ
للمعرفة هو تحسينُ الأوضاع الإنسانية، فالمعرفةُ القائمةُ على السياقات الاجتماعية
جاءت لحلِّ مشكلةِ الإنسان(15).
4. رأسُ المال الثقافي Cultural Capital: يعرِّفه بوردو على أنه: الدورُ الّذي تلعبه الثقافةُ المسيطرة أو
السائدة في مجتمع ما، في إعادة إنتاجِ أو ترسيخ بُنيةِ التفاوت الطبقيّ السّائدِ في
ذلك المجتمع.
ومن أشهرِ ممثلي النظريةِ المعرفية:
1. مايكل يونج M. Young:
الذي أَعلنَ مَولِدَ علمِ اجتماع المعرفة التربوية عامَ 1971،
في كتابه: (علمُ اجتماعِ التربيةِ الجديد). وهو يَرى بأن علمَ اجتماع التربية
التقليدي كلِّهِ باءَ بالفشل؛ لأن الباحثين أخَذوا المشكلات مأخَذَ التسليم على
أنها مشكلاتُ التربية الجديرةِ بالدراسة، من غير أن يحاولوا فحصَ قيمةِ تلك
المشكلات نفسِها، لتبيِّن أهميتَها بالنسبة للتربية. فالمدخلُ الحقيقي للإصلاح هو
خلقُ المواقف المشكِلةِ، وأن تضَعَ المعرفةُ التربويةُ نفسَها موضع الشّك والتساؤل،
فيتغيّر الجدلُ حولَ قضايا التربية، وتَتولّدُ نظرياتٌ خصبة، وبحوثٌ جديدةٌ في
مجال البرامج الدراسية(16).
2.
برونر J. Bruner:
الذي تزعّمَ حركةَ العودةِ إلى الأساسيات Back – to Basic – Movement. إثرَ محاولاتِ إصلاح
التعليم، بعدَ أزمة سبوتنيك عام 1957م. وكان كتابُهُ الشهير (العملية التربوية) The Process of Education. بمثابة إنجيل إصلاح المنهج
في التعليم الابتدائي والثانوي.
ولبُّ نظرية برونر هو الدعوةُ إلى تجديدِ البُنية الأساسيةِ للتعليم، مع المحافظة
على الحواجز بينَ كلِ مادة وأخرى. وهو يعتمدُ على مُسلّمةٍ مُؤَدّاها: أن كلَ
الأنشطة العقلية في أي موقع من ميادين المعرفة هي واحدة، مهما تضخّمت المعرفةُ أو
تقلَّصت(17).
3. بيير بوردو:
إن
المقولةَ الرئيسية التي بَنى عليها بوردو نظريتَه، هي أن الثقافة وسطٌ يتم به، ومن
خلاله عملية إعادة إنتاج بُنية التفاوت الطبقي. ويستند بوردو في إثبات هذه
المقولةِ وتحليلها إلى نظريتين، هما(18):
• مفهومُ رأس المال الثقافي The Cultural
Capital.
• مفهوم الخصائص النفسية The Habitus.
فالثقافة عند بوردو تَفرضُ مبادئ بناءِ الواقع الاجتماعي الجديد، كما أنها –كأنساق
رمزية- هي بمثابة رأسِِ مالٍ قابل للتحول إلى رأسِ مالٍ اقتصادي أو اجتماعي أو أيّ
شكل آخرَ من رؤوس الأموال المختلفة(19).
ومن ممثلي النظرية المعرفية في علم الاجتماع التربوي كلٌّ من::-
فلود Floud،
وهالسي Halsey،
ومارتن Martin.
إن
النظريةَ التفاعليةَ الرمزيةَ، لا تقدّم مفهوماً شاملاً للشخصية، فأصحابُ النظرية
وعلى رأسِهم بلومر يقرّون بأن هذه النظرية يجب ألا تُشغِل نفسَها بموضوع الشخصية
كما ينشغل بها علم النفس. وهذا سبب واضحٌ، ومبررٌ جوهري على قِلة الاستفادة من هذه
النظرية في الميدان التربوي، على الرغم من وجود بعض الأبحاث القليلة المنشورة هنا
وهناك.
كما
أن التفاعليةَ الرمزية أغفلت الجوانبَ الواسعةِ للبُنية الاجتماعية؛ لذلك نجدها لا
تستطيع قولَ أي شئ عن ظواهرَ اجتماعية كالقوّة والصراع والتغيّر، وأن صياغتَها
النظرية مُغرقةٌ في الغموض، وأنها تقدم صورة ناقصة عن الفرد.
أما
فيما يتعلّق بالنظرية الاجتماعية في علم الاجتماع، فيمكن القول بأنها المجالُ
السائدُ حالياً في علم الاجتماع التربوي، وقد انفردَت باسم: (علم الاجتماع التربوي
الجديد)؛ لأنها جمعت بين أسلوب البحث الدقيق، باستخدام أسلوب الملاحظة، والملاحظة
بالمشاركة داخل الغرفة الصفية، وبين أسلوب البحث الاجتماعي الواسع، الذي اشتمل على
قضايا واسعةٍ كالقهر، والصراع، والتغيّر، والحَراكِ الاجتماعي، ودور التربية في
ذلك.
ولعل
الدراسةَ التي قامت بها نيلّ كيدّي Nell Keddie. في إحدى المدارس الإنجليزية، بعنوان: \"معرفة الفصل
المدرسي\" من بين الدراسات القليلة التي أُجريَت في إطار هذا الاهتمام
بالمعرفة التي توجَد لدى المعلمين حول تلاميذهم، وهي نموذج لاهتماماتِ علم اجتماع
التربية الجديد.
المراجــــــــع :-
(1)
فادية عمر الجولاني.(1997)، علم الاجتماع التربوي، مركز الاسكندرية للكتاب.
ص215
(2) إيان كريب. (1999)، النظرية الاجتماعية من
بارسونز إلى هابرماس، ترجمة محمد
حسين غلوم، عالم المعرفة، ع (244)،
الكويت. ص130
(3) إيان كريب. (1999)، المرجع السابق. ص131
(4) حمدي علي أحمد. (1995)، مقدمة في علم اجتماع التربية،
دار المعرفة الجامعية،
الاسكندرية. ص180
(5) علي عبد الرزاق جلبي. (1993)، الاتجاهات
الأساسية في نظرية علم الاجتماع، دار
المعرفة الجامعية، الاسكندرية. ص237
(6) فادية الجولاني. (1997)، مرجع سابق. ص216
(7) إيان كريب. (1999)، مرجع سابق. ص132
(8) فادية الجولاني. (1997)، مرجع سابق. ص218
(9) علي عبد الرزاق جلبي. (1993)، مرجع سابق. ص 238